كتب/ أيمن بحر
فى مصر اكتشف العز بن عبد السلام أن كبار المناصب بما فيها الإمارات والولايات يتولاها مماليك اشتراهم السلطان نجم الدين أيوب وهم فى حكم العبيد. أصدر فتوى جريئة تنص على عدم جواز ولاية العبيد على الأحرار مما أثار غضب الأمراء المماليك الذين سيطروا على المناصب العليا.
حاول الأمراء إقناعه بالتراجع ثم لجأوا إلى التهديد، لكنه أبى أن يتنازل عن الحق. رفع الأمر إلى السلطان الصالح أيوب الذى رفض الفتوى واعتبرها تدخلاً فى شؤون الدولة. لكن العز، الذى لم يكن ليصمت عن الحق، قرر عزل نفسه من منصب القضاء، مؤثرًا رضا الله على المناصب والجاه.
خروجه من القاهرة وتأييد الشعب
ركب العز حماره وأخذ أهله على حمار آخر متجهًا خارج القاهرة ليعيش منعزلاً فى إحدى القرى. لكن الشعب المصرى الذى أدرك قيمة هذا العالم الجليل رفض رحيله. خرج الآلاف من العلماء الصالحين التجار وحتى النساء والأطفال فى موكب عظيم يؤيد الشيخ ويستنكر على معارضيه.
وصلت الأنباء إلى السلطان الصالح أيوب فسارع بنفسه لاسترضاء العز. رفض الشيخ العودة إلا بتنفيذ فتواه: لابد أن يباع الأمراء المماليك فى مزاد علنى ثم يعتقوا وترد أثمانهم إلى بيت مال المسلمين لأنها دُفعت منه أصلاً.
وافق السلطان وأشرف العز بنفسه على عملية البيع. عرض الأمراء فى مزاد علنى وتسابق الناس على رفع الأسعار. كان السلطان يدفع الثمن من ماله الخاص ثم يعتق الأمير ويُعاد المال إلى بيت المال. هكذا بيع كل الأمراء الذين كانوا يتولون الوزارة الإمارة والجيش فأُطلق عليه لقب بائع الأمراء.